الأحد، 24 يناير 2010

مقرر الثقافة الإسلامية لمنهجية الماجستير

مقرر الثقافة الإسلامية لمنهجية الماجستير
د. عبدالرحمن بن زيد الزنيدي
مقرر الثقافة الإسلامية لمنهجية الماجستير
في التخصُّصات العِلْمية المُختلفة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد، وعلى آله وصحبه؛ وبعد:
(المُثَقَّف): مُصطلح شاعَ استعمالُه في هذا العَصْرِ، في عالمنا العربي والإسلامي لقبًا على شخص يتميز على مَنْ حوله من عُموم الناس بصَنْعَتِهِ الفِكْريةِ، وتفاعُلِهِ الحَيوِيِّ مع قضايا مجتمَعِهِ، وأُمَّتِهِ الواقعية مِنْ خلال السَّعْي لتصوُّرها تصوُّرًا صحيحًا مُتماسِكًا، والإسهام في حلَّ مشكلات هذا الواقع، والتَّرقِّي به في مسالِكِ النُّهوض الحَضَارِيِّ في مختلف مجالات الحياة، على أن لهذا (المُثَقَّف) تخصُّصَه العِلْميَّ الذي يكون فيه "عالِمًا" شرعيًّا، أو لُغَويًّا، أوِ اجتماعيًّا، أو حتى تَقَنِيًّا.
وتبقى الصفتان (مثقَّف، وعالِم)، أو المجالان مُنفصِلَيْنِ، فَهَذِهِ حركةٌ ثقافية واقعيَّة شُموليَّة، وتِلكَ مَعَارِفُ نظرية تخصُّصية، حتى وإنِ ارْتَكز جُهدُهُ الثقافيُّ على المُستوى الفكريِّ الذي وصل إليه عبر تخصُّصِه العِلمي.
بل إن غالب التَّخصُّصات الأكاديمية تقوم بدَورٍ اسْتِلابي لطالب العلم فيها، بحيث يغرق في تخصُّصه، وقد يُبدع فيه في رسائل الماجستير والدُّكتوراه، وبحوثِهِ الأخرى؛ ولكنه يبقى محصورًا في هذا التَّخصُّص مما يجعل أثره محدودًا بطلابه، وزملاء قسمه، ونحوِهم ممن يلتقون معه في التخصص المحدود عددُ أفرادِه مهما كثروا.
ولكن بما أنه يعيش في مجتمع يعرف مُسْتواه وشهرته العلمية، فإن أفراد هذا المجتمع يشعرون بحقِّهم عليه في أن يُسْهِمَ في خدمة قضاياهم، وحلِّ مشكلاتهم، خارجَ إطار تفصيلات تخصُّصه التي لا تَعنِيهِم، ولا يفهمُونها.
هنا يحدث الارتِباك لدى هذا المُتخصِّص مهما بلغ شَأْوُه العِلْمي، وذلك بسبب انحصاره في دائرة التخصص الضَّيِّقَة عن الفضاء الثقافيِّ العامِّ، حيث تختلف الثقافة عن سائِر الفنون العلمية - خاصة النظريةَ منها - في خاصيتينِ لها:
- الشمولية التي تَتَرابط فيها جوانب الحياة الاجتماعية، بحيث تُعالِجُ أيَّ قضية من قضاياها عبر الخيوط الرابطة لها بتلك القضايا، ومَبْنَى هذا أنَّ الثقافة بما هي تصوُّرات وُجوديَّة، وقِيَم إنسانية ونُظُمٌ تشريعيةٌ، لا تكون "ثقافة" إلا إذا تَبَلْوَرَتْ، سواء في حياة الشخص أو الجماعة في صورة كُليّة شمولية مُترابِطة، بحيث تبدو بشكل بَنَّاءٍ مُتكامِل مُترابِط، يرتكز منهجه القِيَمِيُّ على أساسه الإيماني، وتصوُّراته الوُجودية، وتقوم نُظُمُه التشريعية على قِيَمِهِ الخُلُقِيَّةِ والجمالية، ومِنْ ثَمَّ على أساسه الإيماني، وهذا ما تُؤكِّدُه تعريفات الثقافة الكثيرة:
كَقَوْلِ "تايلر" في تعريفه المشهور عن الثقافة: "ذلك الكلُّ المُركَّب.."، وكتعريف كتاب "الثقافة الإسلاميَّة تَخَصُّصًا ومادَّة وقِسْمًا علميًّا" للثقافة الإسلامية بأنَّها: "العلم بمنهاج الإسلام الشمولي.."، أمَّا التخصُّص العِلْمِيُّ فِي غالِب واقِعِهِ - بالذَّات في المجالات النظريَّة - فإنَّهُ معالجاتٌ فِكْريَّة لِدَقائِقَ تفصيلية وخلافية في إطار التخصص، الذي يمثل فنًّا مُنْعزلاً عن فُنون العلم الأخرى، فالجزئيَّة هي سِمَتُهُ المقابلة للشُّمولية الثقافيّة.
- الخاصّيَّة الثانية الواقعية التي تربط حركة المُثقف بالوَاقِع الحيّ لمجتمعه أو أُمَّتِهِ، الواقع الذي يعيشه الناس بمشكلاته وطموحاته ومختلِف همومه، خلافا للعلم التخَصّصيِّ الذي يَنْعَزِلُ صاحِبُه عن واقِعِ الحياة العمليِّ انْعِزالاً فِكريًّا حاصرًا مواقِعَ تَأْثِيره فِي دوائر التخصص الضَّيِّقَة، أو بناء الفِكْر الطُّلابي بناءً معرفيًّا بحتًا.
وهنا أمام الارتِباكِ الذي يقع فيه المتخصِّص (عالِمًا أو مُفَكِّرًا) لا مناص له من:
- أن يتلكَّأ عن مُداخَلَةِ الحياة الاجتماعية.
- أن يداخل هذه الحياة من خلال تخصُّصِه بأن تكون محاضراته - مثلاً - في دقائق التخصّص التي تجعل الناس في وادٍ، وهو في وادٍ آخر.
- أن يداخل الحياة الاجتماعية، ويُعالِجَ قضاياها دون أن يمتلك الأدوات الثقافية، وقواعدَ العمل الثقافي، فتكون مُداخلته محاضرة أو مشاركة في ندوة أو بحثًا في مؤتمر فكريٍّ، أو بَرْنامجًا في وسيلة إعلامية فجَّة مكشوفة الضَّحَالة، عَقِيمة الفائدة.
- إذا ربأ بنفسه عنِ الخيارات السالفة، فإنه لتحقيق فعلٍ ثقافيٍّ ناجحٍ سيتجاوَز تخصُّصه نحو الفضاء الثقافيِّ العامِّ قراءةً للفكر العامِّ، واستجماعًا لتصوُّراتٍ مُتماسِكة عن الوَاقِع الاجتماعي والحضاري، ورُكونًا إلى أُسُسٍ موضوعية ومنهجية، تجعل إسهاماته في الحياة الاجتماعية والحضارية ثقافية حائزة على شموليتها، وواقعيتها وعصريتها.
هذا طموحٌ نبيلٌ من هذا العالِم أو المُفَكِّرِ؛ لكنه يبقى محدودًا في عدد أفراده بالنسبة للمُتخصِّصين، وقاصرًا - في الغالب - عنِ امتلاكِ تلك الأُسُس؛ نتيجة الجُهْد الفرديِّ لتحقيق هذا الامتلاك، خاصة في دائرة الثقافة الإسلامية التي تستلزم من المتحرك في مجالها - من المُتخصِّصينَ في العلوم اللُّغوية والإنسانية والتَّقَنِيَّةِ - مَعْرِفةً شرعيَّة ليست تخصُّصِيَّة؛ كما لدى الفقيه الشرعيِّ؛ ولكنها معرفة تضبط له حركته الثقافيةَ من الزَّيْغ عن الحق، وتَحْمِيه من اسْتِهْواء النظريات والأفكار والمناهج المُناقِضة للإسلام، بما تَتَزيَّا به من عناوينَ، وما يضفى عليها من هالات العلمية، وصِحَّة التطبيق ونحوها.
هذه الوضعية - أقْصِدُ حاجة السَّاحة الثقافيَّة في المجتمع المسلم، والأُمَّة بالعُموم إلى المشاركة الإيجابية في جوانبها المختلفة، معالجة لمشكلاتها، ورسمًا لمسالك النهوض لها، من قِبَل المُتخصِّصينَ (علماء ومفكرين) مِنْ ذَوِي الغيرة الدينية، والرغبة الصادقة في خدمة الدين والأمة -: حَفَّزَتْ عددًا من الدوائر الثقافية؛ لاتخاذِ الوسائل التي تُلبِّي هذه الحاجة، ومن هذه الدوائر "قسم الثقافة الإسلامية" بكلية الشريعة بجامعة الإمام الذي أُنْشِئ قبل أكثر من ثلاثة عُقود؛ فقد تَنبَّه لهذه المشكلة، واتخذ مَسْلَكينِ إزاءها:
المسلك الأول: فتح دراسات عُلْيا في "الثقافة الإسلامية" في مجالات:
- القِيَم.
- والنُّظُم.
- والفِكْر وقضاياه.
تمثل تَخَصُّصًا عِلميًّا (ماجستير ودكتوراه)؛ ولكنَّه تخصُّص عِلميٌّ منفتِح على الواقع، متماسٌّ مع شُؤونِه الحيَّة؛ سواء في المرحلة الدراسية أو في الرسائل المُعَدَّة، التي تَنْأَى بنفسها عن المباحث النظرية المفْصُومة عن مشكلات الواقع، ولهذا تَبْقَى مَوْضُوعاتُها ومُعالَجاتُها مُرْتَبِطةً بما يجري في الواقع، مُسْهِمَةً في رسم التصوُّر الشرعيِّ له، وتقديم الحُلول الشرعية الوَاقعيَّة له.
وقد وَعَى المجتمعُ ودوائرُهُ الثقافية والاجتماعية رُشْدَ هذا المسلك، وقيمةَ ثَمَراته؛ ما جعل هذه الدوائر تُبَادِرُ كلَّ آنٍ بطلب طباعة رسائل القسم، ضمن إصداراتها (مؤسسة الملك فيصل - مكتبة الملك عبدالعزيز العامة - المعهد العالمي للفكر الإسلامي... إلخ) وما جعل كثيرًا من هذه الرسائل تُرَشَّحُ لعديد من الجوائز، ويفوز عدد منها بهذه الجوائز.
المسلك الثاني: وَضْع "مُقرَّرٍ" في الثقافة الإسلامية، يُدَرَّس ضمن الساعات المنهجية لمرحلة الماجستير لطلاب مختلف التخَصُّصات العلمية (الشرعية، واللغوية، والإنسانية) بواقع مُحَاضرتَيْنِ في فصل دراسي، أو محاضرة في فصْلَيْنِ.
يهدف هذا المقرر إلى:
1- التعريف بالعناصر التي تكوّن شخصيَّة "المثقف".
2- ومدى تداخُل مصطلح المثقف مع مصطلحات [ العالِم، المُفكِّر، الداعية.. ].
3- التعريف بوظيفة المثقف في المُجتمع المعاصر.
4- دراسة الواقع الثقافي في عالَمنا الإسلامي من حيث:
- تحقُّق المُنتَسبينَ للثقافة في مُخْتلف النُّخَب - إسلامية، وعصرانية - بالعناصر المؤهلة لحمل لقب مُثقَّف.
- والمنتج الثقافي لِتِلك النُّخَب من حيث وفاؤُه بِمُتطلبات حاضر الأمة حلاًّ لمشكلاتها، وارتقاءً نَهْضَوِيًّا بها.
- تدريسُ الأُسُس الموضوعيَّة والمنهجِيَّة التي تُساعِد طالب العلم المُتَخَصّص على التأهُّل لأداء رسالته الثقافيَّة في مجتمعه وأمته، والقيام بِدَوْرِه الإسلامي والإنسانِي قِيامًا ناجعًا جامعًا بين الثقافيَّة والمعاصرة معًا.
مُفْرَدَات المُقَرَّر:
لا حاجة لبيان تفاصيل هذه المفردات، إذ يكفي أن أشير إلى أنَّ المُقَرَّر ينقسم إلى قِسمينِ:
القسم الأوَّل: عن "المثقف" من حيث:
- العناصر التي تُشكِّل شخصيته، وما يزيد من عناصر إذا كان "مثقفًا إسلاميًّا".
- النُّخْبَة المُثقَّفة العَصْرانية في العالم الإسلامي:
- تعريفها وبيان تيَّاراتها.
- نشأتها وتطورها ومصادرها.
- تقويمها من حيثُ علاقَتُها بالإسلام وبالأُمَّة، وبالإبداع، وبالفكر المعاصر.
- أزمة الثقافة العصرانية، وتَحَوُّلاتها الرَّاهِنة.
- النُّخْبة المثقَّفة الإسلامية:
- تعريفها وذكر فئاتها.
- عناصِرُها "الإسلاميَّة" الجامعة لها.
- تقويم النخبة المثقَّفة الإسلامية من حيث العلاقة بالإسلام، وبالأمة، وبالإبداع، وبالحضارة المعاصِرة.
القسم الثاني: الحركة الثقافية للمُثقَّف الإسلامي:
- تعريف الحركة الثقافية.
- أهداف الحركة الثقافية.
- قَنَوَات إنجاز الحركة الثقافية.
- الأُسُس الموضوعيَّة الَّتِي تقوم عليها الحركة الثقافية للمثقف الإسلامي:
- الأساس الإيمانِيُّ.
- الأساس القيمي.
- الأساس المعرفي.
- الأسس المنهجية التي تنضبط بها الحركة الثقافية لهذا المثقف، التي من أبرزها:
- التوحيد.
- سيادة الوحي على التفكير.
- الشمولية.
- فقه الواقع.
- المعيارية والإطلاق.
- ضبط الاصطلاح.
- منهج التعامل مع التراث.
- الاستشراف المستقبلي... إلخ.
الجانب التطبيقي للمقرر:
يتمثل هذا الجانب في مَجَالَينِ:
1- حلقات بحث نقاشية.
2- ومقالات علميّة.
1- حلقات البحث النقاشية:
أ) تتم حلقات البحث من خلال:
- تكليف أحد الطلبة بإعداد موضوع محدد، يُعالِج مشكلة قائمة في الواقع مُسْبَقًا.
- تكليف طالبَيْنِ آخَرَيْنِ - كل منهما - بإعداد تعقيب تحليلي نقدي لذلك الموضوع.
- عَقْد جلسة المُناقشة، التي يقدم فيها الطالب موضوعه، ثم المعقبان، ثم يفتح المجال لباقي الطلبة للتعقيب، ومِنْ ثَمَّ للأستاذ.
- يقوِّم الأستاذ الطَّلبة الثلاثة: مُعِدّ الموضوع، والمُعقِّبَينِ فقط في هذه الحلقة.
ب) وهذا يعنِي أنَّ كُلَّ ثلاثةٍ يَحْتاجون لِحلقة بحثٍ نِقاشية؛ حتى يمكن تقويم جميع الطلبة.
ج) نتيجة وجود فَرَاغ في بعض أيَّام الأسبوع، فالأفضل أن تعقد الحلقة في ساعات إضافية خارج ساعة المادة.
2- المقالات العلمية:
هذه المقالات ليست صحفية يسترسل بها القلم من عَفْو الخَاطِر، وليست بُحُوثًا علمية يُعالج الواحد منها عددًا من المسائل في موضوع مُعين، في عشرات الصفحات، وإنما هي مقالة لا تزيد عن عشرين صفحة، يسعى الطالب فيها إلى توظيف ما يدرسه من أسس موضوعية، ومنهجية ليقدم جهدًا ثقافيًّا إسلاميًّا.
وهي علمية؛ من حيث أَخْذُها بالمنهج العلمي؛ تحليلاً وتقويمًا وتأصيلاً، يعالج فيها قضية مفردة، مراعيًا الهَمَّ الاجْتِماعِيَّ المُتَعَلّق بِها، دُونَ أبعادِها الفلسفية، والشرعية التفصيلية ونحوها.
ومن أمثلة القضايا التي يُمْكِن مُعالَجَتُها في الصورتين معا "حلقات البحث، والمقالات":
أ) في الانتماء الدّينيّ (الهُويَّة، التَّديُّن، منهج الدعوة، شُمُولية الإسلام).
ب) في مجال الفكر (التثقُّف، التربية، العلم التقني، الاختراق الثقافي).
ج) في مجال الاجتماع (الالتزام الخلقي، قضايا المرأة، الحرية، السلوكيات الخاطئة).
منهج الكتابة في "حلقة البحث"، و"المقال العلمي":
- الكتابة معالجة علمية واقعية، ولا تزيد عن عشرين صفحة.
- المعالجة ليست فَتْوَى، يكفي فيها إصدار حُكْمٍ شَرْعي بدليله؛ وإنما هي دراسة تَنْظِيرية "واقعية أو فكرية".
- يشتمل منهج التناول على ما يلي:
1) العرض: بيان طبيعة الموضوع؛ كما هو في حياة الناس، ويمكن ذِكْر نماذج؛ إما أن تُؤْخَذ استِبيانات يقوم به الباحث أو من الصحافة، أو من الزملاء، أو من أقارب الباحث، أو من خلال واقعه هو؛ لكن لابد أن تؤخذ الصورة العامة، لا للمَوَاقف الشاذَّة.
2) التحليل: بالبحث عن الأسباب التي أَدَّتْ إلى ظهور هذا الوَاقِع، وتلمس آثاره الفردية، والاجتماعية، والدينية.
3) النَّقْد: بالحُكْم على هذا الواقع - سلبياته وإيجابياته معًا - ويُبْنَى الحكم النقدي على الأحكام الشرعية، وعلى المصلحة سواءٌ كانت اجتماعية، أو مادية، أو صِحيَّة.
4) البناء: بتحديد الصورة النموذجية (المُثْلَى)، التي ينبغي أن يكون عليها هذا الواقع، بحيث يكون مُتَّسقًا مع الشريعة محقِّقًا للمصلحة، ويمكن ذِكْر نماذج من التاريخ الإسلامي، تعزِّز هذا النموذج.
- ومما ينبغي اعتباره:
1- أن يكون للوَاقِع الاجتماعي الذي يعيشه المجتمع - كما هو - وللتقاليد المقبولة، والرأي العام اعتبارٌ مُتَّزنٌ دون إهمال، أو تَضْخِيم.
2- أن تكون الصورة المطلوبة ليست خيالية؛ حتى لا يكون موقف القُرَّاء مُجَرَّدَ إعجاب بها دون سَعْي لتحقيقها.
3- أن يستحضر الكاتب - وهو يكتب - الشريحةَ التي يتجه إليها بما يكتب (زملاء في الجامعة، أو أدباء، أو رجال أعمال، أو ربات بُيُوت، أو طُلاّب مدارس، أو الجميع).
4- هذا الاستحضار يمد الكتابة بروح تربوية، وواقعية، ويكثف الشعور بالمَسْؤُولية خلالها.
وبعد فلقد دَرَّست هذا المقرر بضع سنوات لتخصصات مختلفة طلابًا وطالباتٍ، ولقي هذا المُقَرَّر تجاوُبًا كبيرًا وشعورًا بالاستفادة، مما جعل التواصُل بين الدارسينَ ومدرسيهم قائما لدى كثير منهم، حتى بعد التخرج.
ضِيق مُحاضَرات المُقرَّر لا يُتِيح فرصة لتطبيق الحلقات النقاشية؛ لَكِنْ تَمَّ تطبيق "المقالات العلمية": التي هِيَ عِبَارَةٌ عنْ بُحُوثٍ مُرْتَبِطة بِقَضايا واقعيَّة، تُبْنَى هذه البحوثُ على تصوُّر الواقع، وتحليل أبعاده، ونقده، وتقويمه.
وحتى تتضح الصورة، أُمثِّل ببعض من الموضوعات التي بحثها الطلاب والطالبات في فصول ماضية:
طلاب
طالبات
مقاهي الإنترنت
الدَّوْرِيَّات النسائية
الدَّوْرِيَّات العائلية
الأسواق النسائية
الاستراحات الشبابية
مساحيق التجميل
رسائل الجوال
العباءة في تطوراتها
حلقات تحفيظ القرآن
قصور الأفراح
الفَتَاوى الفضائيَّة
بعض المواقع النسائية في الإنترنت
بعض البرامج الثقافية في الفضائيات
العمليات التجميلية
بعض صفحات الرأي في الصحف والمجلات
العمل الدعوي للمدرسة
بعض الأفلام الكرتونية
شغالة الموظفة
الحوار الوطني
الزوايا النسائية في صحيفة كذا
وحسبك أن تعلم أن عددًا من هذه الموضوعات وأمثالها، طبعت في كُتيبات، وبعضها نشر في الصحف، وفي المواقع الشبكيَّة، واستُضِيفَ بعضُ الباحثين في حلقات إذاعية؛ لمُناقشتهم حول موضوعات بُحُوثِهِم.
لهذا كله وأيضًا للحاجة الماسَّة لِلْمُسْلِم المُتَخَصّص في أيٍّ من فنون العلم إلى الأساسيات التي يركن إليها في التفاعل الثقافي مع عصره، الذي لم يعد أمام أحدٍ مَنَاصٌ مِنَ التَّفاعُلِ مَعَهُ في ظِلال عولمة غاشية لكل جوانب الحياة، ولكل فئات الناس - لهذا جَمِيعِهِ - فإنَّ تَوْصِيةَ هَذِه الورقة تتلخَّص في:
إدخال مقرر "الثقافة الإسلامية" ضمن الخُطَّةِ الدراسية لمرحلة الماجستير، الذي يَهْدُفُ إلى إعطاء طالب العلم - المتخصِّص في أيٍّ من فنون العلم الشرعيّ أو اللغويّ أو الإنسانيّ أو الطبيعيّ -: المؤهلاتِ الأساسيةَ في الموضوع، والمنهجَ لاستكْمَال عناصر شخصية المثقَّف لديه، ومن ثَمَّ للقيام بدَوْرِهِ الثقافيِّ في مجتمَعِهِ وأُمَّته، وتوظيف تخصُّصِهِ العلميِّ في أداء هذه الرسالة الثقافية.
والله الموفق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق